Saturday, 9 September 2023

رحلة عبر الزمن والثقافة: استكشاف ثقافة تركيا المذهلة من قيصري إلى اسطنبول عبر نيغدة وأضنة ومرسين وأنقرة


 هناك مثل صومالية يعني "الرجل الذي لا يمشي على الأرض ليس متحضراً".

 

لا شك أن السفر هو شغف يشعل روحي. إن متعة الانطلاق في رحلة إلى وجهات مجهولة، واستكشاف الثقافات المتنوعة، وكشف أسرار هذا العالم هي تجربة لا مثيل لها. إنها ليست مجرد هواية؛ إنها طريقة حياة تثري وجهة نظري باستمرار. من خلال رحلاتي، تعلمت دروسًا لا يمكن لأي فصل دراسي أن يقدمها. توفر كل مغامرة فرصة لتوسيع آفاقي، وتحدي منطقة الراحة الخاصة بي، وتعزيز التقدير العميق لجمال كوكبنا وتنوعه. سواء أكان ذلك مشاهدة عظمة عجائب الطبيعة أو التواصل مع أشخاص من مختلف مناحي الحياة، كان السفر أعظم معلم لي. أثناء إقامتي في الصومال، لسوء الحظ، لم تتح لي الفرصة لاستكشاف البلد بأكمله بشكل كامل كما كنت أتمنى دائمًا.  في بعض الأحيان، يمكن لتجارب السفر الصعبة أن تعلمنا المرونة والصبر وأهمية القدرة على التكيف. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يشعل الرغبة في العودة والاستكشاف أكثر عندما تسمح الظروف باستكشاف أكثر شمولاً للبلاد. ولكن ربما كان الدرس الأكثر قيمة الذي تعلمته من مغامراتي هو إدراك أن العالم واسع ومترابط. إنه تذكير بأننا نتشارك هذا الكوكب مع مليارات الأشخاص الآخرين، ولكل منهم قصصه وأحلامه وتجاربه. لقد فتح السفر عيني على الخيوط المشتركة التي تربط الإنسانية وجمال الاحتفاء باختلافاتنا. قيصري، المدينة التي أعتبرها موطني والتي أتابع فيها دراستي الجامعية، لها مكانة خاصة في قلبي. تقع هذه المدينة الساحرة في قلب تركيا، وتمزج بسلاسة تاريخها الغني مع طاقة الحياة العصرية. من شوارع البلدة القديمة المزدحمة إلى حياة الحرم الجامعي النابضة بالحياة في الجامعة، أتاحت لي تجاربي اليومية في قيصري أن أشاهد سحر المدينة الفريد وثرائها الثقافي. انضم إلي بينما أستكشف زوايا قيصري التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتي، وبينما أشارك القصص والتجارب التي جعلت من هذه المدينة مكانًا رائعًا حقًا للعيش والتعلم. عندما قررت الشروع في رحلة إلى إسطنبول، ملأتني فكرة زيارة الأصدقاء الذين عاشوا في مدن مختلفة على طول الطريق بالإثارة. لم يكن الأمر يتعلق فقط بالوصول إلى الوجهة النهائية؛ كان الأمر يتعلق أيضًا بإحياء الصداقات القديمة وخلق ذكريات جديدة. بدأت رحلتي من قيصري، المدينة التي أحببتها. بعد أن تركت ورائي الراحة التي أعيشها في حياتي اليومية في الجامعة، كنت متشوقًا لاستكشاف المزيد عن تركيا. كانت شوارع قيصري المزدحمة أول من ودعني، لكنني عرفت أن مغامرتي كانت في البداية. 

 نيد – لمحة عن التراث الأناضولي 

 واصلت رحلتي إلى نيغدة، المدينة التي بدت وكأنها جوهرة مخفية. استكشفت المواقع التاريخية مثل قلعة نيغدة، التي كانت شاهدة على ماضي المدينة القديم. كان مسجد علاء الدين من الأعجوبة المعمارية الأخرى التي تركتني في حالة من الرهبة. لقد كنت محظوظًا بالتواصل مع السكان المحليين، الذين رحبوا بي بحرارة في مجتمعهم. لقد شاركوا تقاليدهم وفولكلورهم، مما أتاح لي لمحة عن الثقافة الأناضولية الأصيلة. إحدى تجاربي التي لا تنسى في نيغدة كانت المشي لمسافات طويلة في حديقة Aladağlar الوطنية. إن الجمال الطبيعي البكر للحديقة، بجبالها الشاهقة ومناظرها الطبيعية الخضراء، يجعل منها مغامرة تحبس الأنفاس. 

 أضنة - حيث يلتقي الشرق بالغرب  

كانت أضنة مدينة التناقضات، حيث شعرت وكأنني على مفترق طرق بين عوالم مختلفة. وكان الاندماج الثقافي واضحا في كل جانب من جوانب الحياة. قررت زيارة اتحاد الطلاب الأفارقة في أضنة، حيث التقيت بطلاب من مختلف البلدان الأفريقية. تبادلنا القصص، وتقاسمنا الوجبات، ورقصنا على إيقاعات وطنهم. لقد كانت تجربة حميمة للوحدة في التنوع. وبطبيعة الحال، لن تكتمل أي زيارة إلى أضنة دون تذوق كباب أضنة الشهير. كانت النكهات جريئة ولا تُنسى، مما جعل ذوقي يتراقص ببهجة. وقمت أيضًا بنزهة ممتعة على طول جسر تاشكوبرو الحجري، حيث أذهلتني أهميته التاريخية.  

مرسين - جوهرة ساحلية  

عندما وصلت إلى مرسين، جذبتني جاذبية ساحل البحر الأبيض المتوسط. كانت الشواطئ الرملية والمياه الصافية جنة للاسترخاء. قضيت أيامي مستلقيًا في الشمس وأغطس في البحر. في إحدى الأمسيات، تجولت في مدينة سولي بومبيوبوليس القديمة. أعادتني الآثار المحفوظة جيدًا والمدرج الكبير إلى الماضي. كان من المدهش أن نتخيل حياة أولئك الذين سكنوا هذا المكان ذات يوم. كان أبرز ما في مغامرتي في مرسين هو سوق مرسين للأسماك. لقد انغمست في وليمة من المأكولات البحرية الطازجة، واستمتعت بالأجواء النابضة بالحياة أثناء تناول العشاء مع السكان المحليين.

أنقرة - لقاء الموسيقيين وإبداء الاحترام لأصدقائي القدامى

استقبلتني أنقرة بحداثتها وأهميتها التاريخية. لقد حظيت بشرف زيارة الموسيقيين المحليين الذين عرضوا مواهبهم، وأغنوا لي الألحان التركية التقليدية. تبادلنا القصص، واكتسبت تقديرًا أعمق للموسيقى التركية. كانت زيارة Anitkabir، الضريح الكبير لمصطفى كمال أتاتورك، تجربة متواضعة. تركت الهندسة المعمارية للنصب التذكاري وأجواءه المهيبة انطباعًا دائمًا لدي. لقد أعربت عن احترامي للأب المؤسس لتركيا الحديثة، وهي لحظة للتأمل في تاريخ الأمة.

اسطنبول - مثال للثقافة والتاريخ

وأخيراً وصلت إلى إسطنبول، ذروة رحلتي. استقبلتني معالم المدينة الشهيرة، والبازارات الصاخبة، والأجواء النابضة بالحياة. كان لقاء الأصدقاء في إسطنبول بمثابة لقاء بهيج، واستكشفنا معًا جمال المدينة الخالد. إسطنبول، المدينة الممتدة بين قارتين، هي مزيج ساحر من التاريخ والثقافة والحياة المعاصرة. في هذه الرحلة من قيصري إلى إسطنبول عبر نيغدة وأضنة ومرسين وأنقرة، لم تكن رحلاتي تتعلق فقط بالوصول إلى وجهتي، بل تتعلق بإعادة التواصل مع الأصدقاء، واحتضان الثقافات المتنوعة، وإنشاء نسيج من الذكريات التي لا تُنسى. لقد كان بمثابة تذكير بأن الجوهر الحقيقي للسفر يكمن في الأشخاص الذين نلتقي بهم والتجارب التي نشاركها على طول الطريق.

آيا صوفيا، تحفة من العمارة البيزنطية تحولت إلى مسجد ومتحف. عند دخولي إلى الداخل، انتقلت عبر قرون من التاريخ، محاطًا بالفسيفساء المذهلة وعظمة حقبة ماضية. وفي مكان قريب، كشف قصر توبكابي عن ثراء الإمبراطورية العثمانية بساحاتها وغرفها وكنوزها المعقدة. اسطنبول مدينة تنبض بالموسيقى. لقد كان من دواعي سروري اكتشاف الموسيقى التركية التقليدية التي يؤديها موسيقيو الشوارع الموهوبون. ملأت أنغام الساز ونغمات الناي الأجواء، مما خلق جوًا ساحرًا يتردد صداه مع قرون من التراث الموسيقي. كان استكشاف مساجد إسطنبول تجربة عميقة. المسجد الأزرق، ببلاطه الأزرق المذهل، ومسجد السليمانية، وهو تحفة معمارية، تركاني في حالة من الرهبة من الفن الإسلامي والروحانية. وقد أضاف صوت الأذان الذي يتردد عبر مآذن المدينة إلى سحر المدينة الفريد. لقد غامرت بزيارة تل جامليجا ومسجد جامليجا للحصول على مناظر بانورامية لإسطنبول. كانت المناظر الخلابة لمضيق البوسفور وشبه الجزيرة التاريخية وأفق المدينة لا تُنسى. لقد كان المكان المثالي لفهم عظمة إسطنبول وأهميتها الجغرافية.  

على الرغم من كونها مدينة صاخبة، تفتخر إسطنبول بشواطئها الجميلة على طول ساحلها. قضيت يومًا هادئًا بجانب البحر، مستلقيًا تحت أشعة الشمس واستمتع بالمياه المنعشة. كان التناقض بين حيوية المدينة وهدوء الشاطئ ملحوظًا. كان مشهد الطعام في شوارع إسطنبول بمثابة متعة تذوق الطعام. من كباب لحم الضأن الحار إلى السيميت (حلقات الخبز المغطاة بالسمسم)، والبهجة التركية التي تحظى بشعبية كبيرة، انغمست في وليمة من النكهات في الشوارع الصاخبة. كانت رائحة التوابل والمخبوزات الطازجة لا تقاوم. أظهر ميدان تقسيم بأجوائه المفعمة بالحيوية الجانب الحديث لمدينة إسطنبول. جعلت المقاهي والمحلات التجارية وعروض الشوارع النابضة بالحياة مركزًا للنشاط. لقد كان بمثابة تذكير بأن إسطنبول تمزج بسلاسة بين القديم والجديد. وفي المنطقة المعروفة باسم إيشا بيدهابو (Isha Baydhab)، هناك وجود صومالي كبير. هنا، يمكنك مقابلة مجتمع صومالي متنوع، بما في ذلك الطلاب والسياح والأفراد العاملين في مختلف الأنشطة التجارية.  

عند عبوري إلى الجانب الآسيوي من إسطنبول، اكتشفت أوسكودار، وهو حي هادئ غارق في التاريخ. وقد أضاف منظر برج العذراء من بعيد إلى سحره. لقد استكشفت حدائقها الهادئة، ومساجدها التاريخية، وأسواقها النابضة بالحياة، وشاهدت جانبًا مختلفًا من إسطنبول. يوفر برج غلطة، أحد أعجوبة العصور الوسطى، إطلالات خلابة على المدينة. شاهدت غروب الشمس فوق مضيق البوسفور، وهي تلقي بظلالها الذهبية على إسطنبول. يقع برج العذراء على جزيرة صغيرة، ويحمل جاذبيته الخاصة بفضل أساطيره وجاذبيته الرومانسية. اسطنبول هي أكثر من مجرد وجهة. إنها رحلة من المشاهد والأصوات والنكهات. إنه مكان يلتقي فيه التاريخ مع الحداثة، حيث تلتقي الروحانية بالفن، وحيث يحكي كل ركن قصة. كانت رحلتي عبر هذه المدينة بمثابة استكشاف عميق لطبقاتها وشهادة على جاذبية إسطنبول الدائمة.  

إسطنبول، لقد حفرت ذكريات لا تُنسى في قلبي، وتوديعك ليس بالأمر السهل. وبينما كنت أستعد للمغادرة، ينتابني شعور حلو ومر في الهواء. لقد ترك سحر المدينة وتاريخها وطاقتها النابضة بالحياة علامة لا تمحى في نفسي. لذا، في الوقت الراهن، في إسطنبول، ليس الوداع بل "إلى أن نلتقي مرة أخرى". أغادر بامتنان للتجارب التي قدمتها لي وبترقب للمغامرات التي تنتظرني في المستقبل. ستحتفظ إلى الأبد بمكانة خاصة في قلب المتجول.

 

No comments:

Post a Comment

ولنا في الحلال لقاء (And We Have A Meeting in Halal)

And We Have A Meeting in Halal Ahmed Atta “And We Have A Meeting in Halal” is a profound novel by Ahmed Atta that explores the emotional a...